الجمعة، 3 أبريل 2009

عمليات المقاومة الفردية في فلسطين رسالة في اتجاهين


بقلم: محمد أبو علان:
في ظل التراجع الذي تشهده المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين شهدت الضفة الغربية العديد من العمليات الفردية ضد الاحتلال تراوحت أدواتها بين عمليات الدهس وبين عمليات الطعن بالسكاكين، والضرب بالفؤوس كما كان في العملية الأخيرة في مستوطنة "بت عين" بالقرب من مدينة الخليل والتي قتل فيها مستوطن وجرح آخر، وتمكن الفدائي الفلسطيني من الهرب من ساحة العملية رغم الإجراءات الأمنية في محيط المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين.
رغم محدودية العمليات الفردية في مقاومة الاحتلال وعدم تحولها لظاهرة واسعة الانتشار إلا أنها تعنى الكثير على المستوى الوطني الفلسطيني، وأول ما تعنيه قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بأبسط السبل والوسائل المتاحة له، وتجاوز التنظيمات الفلسطينية التي باتت في معظمها تسعى لتحقيق مكاسب تنظيمية على حساب القضية الوطنية الفلسطينية، وغياب مقاومة الاحتلال عن أجندتها السياسية منذ سنوات.
كما أن هذا النمط من عمليات المقاومة ضد الاحتلال تشكل معضلة أمنية كبيرة لأجهزته الأمنية، كون أجهزته المخابراتيه لا تستطيع كشفها بشكل مسبق أو حتى توقعها كما كانت الحال في الكثير من عمليات المقاومة التي كانت تحبط قبل وقوعها نتيجة اختراق أمني، أو فشل في عملية التخطيط كون العملية مرتبطة بعدد من الأشخاص قد يقع أيٍ منهم في خطأ قاتل.
هذا الواقع المتجدد على المقاومة الوطنية الفلسطينية جاء بعد أن كانت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي قد رفضن بشكل مطلق اتفاقيات أوسلو ، وقطعن العهد بالعمل على إسقاطه عبر المقاومة المُسلحة للاحتلال، وقد شهدت مرحلة ما بعد أوسلو تحول نوعي بنمط المقاومة المُسلحة الفلسطينية عبر العمليات الاستشهادية والتي ضربت الاحتلال بقوة وأسقطت مئات القتلى من المدنيين والعسكريين الإسرائيليين، ولم تقتصر هذه العمليات على تنظيم دون غيره، ومنها حركة فتح التي كانت قيادتها السياسية من أولى المساهمين في توقيع اتفاقيات أوسلو والداعمين لها فيما بعد ، وبات العمل المسلح أشبه بالسباق في حينه بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني لضرب الاحتلال بكل موقع تمكن الفدائيون الفلسطينيون الوصول إليه، وكانت هذه العمليات الاستشهادية كافية لدفن اتفاقيات أوسلو بغض النظر عن تعدد الرؤى حول من يتحمل المسئولية المباشرة لدفن هذه الاتفاقيات أهو الاحتلال أم العمليات الاستشهادية.
وإن كانت بداية التسعينات شهدت نقله نوعية في المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، يمكن اعتبار أيار 2005 بداية التراجع الرسمي لهذه المقاومة وذلك بعد هدنة القاهرة التي أعلنتها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي من طرف واحد استعداداً للانتخابات التشريعية الثانية التي لم تقاطعها غير حركة الجهاد الإسلامي، هذا إلى جانب عوامل أخرى أثرت على استمرار المقاومة الفلسطينية المُسلحة منها الضربات التي تعرضت لها القيادات الميدانية للانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) من قبل قوات الاحتلال، وتخلي بعض الفصائل فعلياً عن المقاومة نتيجة تربع بعض القيادات السياسية على عرشها، وسعي هذه القيادات لحماية نفسها ومواقعها القيادية على حساب البرامج الكفاحية لتنظيماتها، وكان لدخول حركة حماس اللعبة السياسية الفلسطينية الدور الأكبر في تراجع المقاومة الوطنية المسلحة كونها تخلت عن هذه المقاومة بشكل فعلي في الضفة الغربية، وأبقتها في غزة لأهداف ومقاصد سياسية فقط.
وكنتاج لهذا الحال جاء عمليات المقاومة الفردية ضد الاحتلال لتوجه رسالتها باتجاهين، الأول هي للاحتلال الإسرائيلي ولسان حالها يقول أن المقاومة ضد الاحتلال ستستمر ما استمر هذا الاحتلال على أرض فلسطين، وحالة الضعف هذه للمقاومة ما هي إلا حالة من حالات الجزر والتي ستستعيد قوتها يوماً ما لتعيش حالة المد الجديد للمقاومة.
والرسالة الثانية للداخل الفلسطيني (بشقيه الساعي لهدنة مع الاحتلال أو الطامح بالسلام معه) الذي عليه أن يقرأها جيداً ويعمل أصحاب القرار فيه وقادة العمل الوطني معاً في مواجهة الاحتلال بشتى السبل الممكنة حتى نيل الشعب الفلسطيني لحريته، وتوحيد الصف الوطني هو المطلب الأول لهذه المواجهة مع الاحتلال، فكما قيل سابقاً "كلما قل عدد الرصاصات الموجهة لصدر العدو، زاد عدد الرصاصات الموجهة لصدورنا".
moh-abuallan@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: