بقلم:محمد أبو علان:
يندرج "مشروع التوعية الانتخابية في المدارس 2009 " والذي بدأت بتنفيذه لجنة الانتخابات المركزية في جزء من مدارس الضفة الغربية( حكومية وخاصة ووكالة) في التاسع والعشرون من شهر آذار الماضي ويستمر تنفيذه حتى السابع من أيار 2009، تحت إطار مهام وصلاحيات لجنة الانتخابات المركزية في نشر الوعي الانتخابي في المجتمع الفلسطيني بشكل عام وبين جيل الشباب بشكل خاص،
وجاء هذا المشروع من منطلق أن التوعية ونشر الثقافة الانتخابية من المهام الأساسية للجنة الانتخابات المركزية في فلسطين حددتها لها القوانين المعمول بها في مجال الانتخابات العامة والمحلية ، وتشمل عملية التوعية الانتخابية تعريف الناخبين بالقوانين والإجراءات التي تحكم العمليات الانتخابية بنوعيها، وتعريفهم كذلك بكافة مراحل العملية الانتخابية ومتطلبات كل مرحلة من هذه المرحلة.
وفي هذا الإطار نفذت لجنة الانتخابات المركزية سلسلة طويلة من حملات التوعية الانتخابية قبل كل مرحلة من مراحل العمليات الانتخابية السابقة، وكانت أولى هذه الحملات تلك التي نفذت في شهر آب 2004 قُبيل بدء أول عملية تسجيل ناخبين والتي كانت في الرابع من أيلول 2004.
وكان لتراكم الخبرات لدى لجنة الانتخابات المركزية في موضوع التوعية الانتخابية دور كبير في التفكير بتوسيع عمليات التوعية والتثقيف، والبدء باستهداف شرائح جديدة من غير جمهور الناخبين لما لهذا النمط من التوعية دور في تعزيز الوعي الانتخابي وتعزيز المفاهيم والقيم الديمقراطية ً خاصة بين الأجيال الناشئة على اعتبار أن ممارسة الحياة الديمقراطية موضوع مستجد على الحياة السياسية للشعب الفلسطيني نتيجة الظروف السياسية التي عاشها ولا يزال يعيشها بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
فكانت أولى الأنشطة في مجال توسيع نطاق حملات التوعية الانتخابية في صيف العام 2007 عبر استهداف المشاركين في إحدى وعشرون مخيماً صيفياً في كافة محافظات الضفة الغربية، وحمل مشروع التوعية الانتخابية في حينه اسم " انتخاب القيادات الشابة في المخيمات الصيفية 2007 "، وتم خلال هذا المشروع محاكاة كاملة للعملية الانتخابية بكافة مراحلها بدءً بعملية تسجيل الناخبين مروراً بعملية الترشح وحملات الدعاية الانتخابية وانتهاءً بعملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، وكان هناك تفاعل كبير من الطلبة المشاركين في المخيمات الصيفية، وكان لآلية العمل مع المشاركين في المخيمات الصيفية دور في تحفيزهم للمشاركة الفاعلة، حيث تم تشكيل لجنة انتخابات للمخيم الصيفي والتي تولت بنفسها تنفيذ كافة مراحل المحاكاة للعملية الانتخابية بإشراف منشطي المخيمات الصيفية وطواقم لجنة الانتخابات المركزية، كما شملت عملية التوعية الانتخابية في المخيمات الصيفية توزيع "برشور" تثقفي يحمل عنوان "تعلم أبجديات الانتخابات" صمم وأخرج بطريقة ملائمة للجيل المستهدف في حملة التوعية هذه.
وبعد النجاح الكبير لهذا المشروع أخذت لجنة الانتخابات المركزية بالتوسع في استهداف شرائح جديدة في عمليات التوعية الانتخابية من جيل مبكر، وكان فيما بعد مشروع "التوعية الانتخابية في المدارس 2008" هو المشروع الثاني في هذا المجال، وتم تنفيذ المشروع بالتعاون ما بين لجنة الانتخابات المركزية ووزارة التربية والتعليم العالي.
مشروع "التوعية الانتخابية في المدارس 2008" استهدف طلبة الصف التاسع الأساسي، جزء منهم استهدف بشكل مباشر والجزء الأكبر منهم استهدف بشكل غير مباشر، والاستهداف المباشر شمل (106) مدارس من تلك التي فيها صفوف التاسع الأساسي موزعة مناصفة تقريباً بين مدارس الذكور والإناث، حيث تم خلال ست حصص دراسية من حصص مادة التربية المدنية وعلى مدار ستة أسابيع تنفيذ محاكاة كاملة للعملية الانتخابية بكافة مراحلها عن طريق مدرسي ومدرسات مادة التربية المدنية في المدارس المستهدفة بعد أن تم تدريب وإعداد ما يقارب أل (150) مُدرسه ومدرس بشكل جيد لهذا المشروع على مدار يومين متتاليين، وخصص لكل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية حصة دراسية يتم خلالها تنفيذ نشاط من أنشطة العملية الانتخابية بمشاركة الطلبة أنفسهم عبر تشكيل لجان انتخابات لكل مدرسة وتكليف عدد من المراقبين من الطلبة أنفسهم يتولون التنفيذ والمراقبة على كافة الأنشطة ذات العلاقة بالعملية الانتخابية في المدرسة.
وقد اظهر طلبة المدارس المشاركة بالمشروع تفاعل فاق التصورات خاصة في مراحل الترشح والدعاية الانتخابية ومرحلة الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، ففي مرحلة الترشح بلغ عدد المرشحين حوالي (1300) مرشح، وهذا العدد من المرشحين يمثل حوالي 14% من العدد الكلي للطلبة المستهدفين مباشرة بالمشروع والبالغ عددهم حوالي (9000) طالب وطالبة، وكانت مرحلة الدعاية الانتخابية فيها حجم منافسة وأساليب مبتكرة للدعاية الانتخابية أكبر بكثير من كون المشروع لا يتعدى عملية محاكاة للانتخابات يهدف بالدرجة الأولى لتوعية الطلبة بهذا الموضوع.
فكانت الممرات والساحات في المدارس ملئيه باليافطات الدعائية والصور بألوان زاهية للمرشحين من الطلبة يتنافسون فيما بينهم للحصول على أعلى عدد ممكن من أصوات زملائهم الطلبة، حيث كانت طموحات الطلبة وأمانيهم خلال حملة دعايتهم الانتخابية أكبر بكثير من سني عمرهم، فخلق الظروف المريحة للطلبة وعلى كافة الصعد في المدرسة كانت على رأس اهتمام كافة الطلبة المرشحين وأول بنود برامجهم الانتخابية، فتوفير الساحات المدرسية الواسعة والحدائق وقاعات الحواسيب والقاعات الرياضية احتلت حيزاً مهماً من برامجهم ودعاياتهم الانتخابية، كما كان لدى المرشحين من طلبة الصف التاسع مطالب بتوفير ظروف صحية جيدة في قاعات الدراسة عبر المطالبة بتوفير التدفئة في فصل الشتاء والتبريد في فصل الصيف.
ولم تغب روح العمل الجماعي والتعاون الإيجابي عن حملات الدعاية الانتخابية للطلبة، فهناك من وعد بالسعي للعمل على توفير صندوق دعم للطالب الفقير، والمطالبة بإعفاء الطلبة المحتاجين من رسوم التبرعات المدرسية التي يدفعها الطلبة بداية كل عام دراسي، كما كانت الدعوات للالتزام بالأنظمة والقوانين المدرسية واحترام المعلمين وتقدير جهودهم ونبذ العنف داخل المدارس من الأمور التي اهتم بها المرشحون‘ حيث اعتبروا الدعاية الانتخابية في مشروع التوعية الانتخابية في المدارس فرصه مناسبة للحض والدعوة لكل ما هو إيجابي في حياة الطلبة، وهذه الأمور إن دلت على شيء فهي تدل على درجة التفاعل والمشاركة التي حققها مشروع التوعية الانتخابية في المدارس مما يعزز التوجه لتوسيع هذا النهج التوعوي لأكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع الفلسطيني.
وبنفس درجة الحرارة العالية التي امتازت بها مرحلة الدعاية الانتخابية، كانت درجة حرارة التفاعل مع عملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، فهناك من رقص فرحاً وابتهاجاً بالفوز وهناك من بكى وغضب بعد عدم فوزه، فمن فرح لفوزه ومن تباكى على خسارته نسي للحظات ومن شدة تفاعله مع الحدث إن الأمر لا يتعدى كونه عملية محاكاة للعملية الانتخابية هدفها تثقيف الطلبة وتوعيتهم في شؤون الانتخابات والقيم الديمقراطية.
في المقابل كانت الانطباعات والتوصيات المقدمة من المدرسين المشاركين في المشروع وإدارات مدارسهم تشير لمدى أهمية مشروع التوعية الانتخابية في المدارس كمشروع توعوي أولاً، وكنشاط يعزز بناء القدرات الشخصية للطلبة والطالبات، كما يساعد في تعزيز العلاقات الإيجابية بين الطلبة نتيجة الاحتكاك المباشر بينهما خاصة في أنشطة الدعاية الانتخابية وعملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، ناهيك عن مساعدة المشروع في كشف بعض الطاقات والقدرات الكامنة لدى العديد من الطلبة والطالبات.
وبعد النجاح الكبير لهذا المشروع وهذا النوع من التوعية الانتخابية لجيل الشباب بدأت لجنة الانتخابات المركزية بتنفيذ "مشروع التوعية الانتخابية في المدارس 2009" من خلال استهدافها (107) مدارس جديدة فيها ما يقارب (9000) طالب وطالبة من طلبة الصف التاسع الأساسي، والجديد في "مشروع التوعية الانتخابية 2009" هو استهدافه (31) مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيمات الضفة الغربية، واستهدافه كذلك مدارس خاصة والتي بلغ عددها (11) مدرسة بعد أن اقتصر المشروع الأول على مدارس حكومية فقط.
moh-abuallan@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق