بقلم: محمد أبو علان:
من الواضح أن سيطرة أموال المانحين علينا جعلت الكل منا اضعف من قول كلمة لا لأي نشاط يكون تنفيذه من هذه الأموال، فبعد العديد من البرامج التطبيعية، والمؤتمرات المتوسطية التي تنفذ بأموال أوروبية تطل علينا فكرة إعادة تسويق المبادرة العربية في المجتمع الإسرائيلي عبر "ميزانية ضخمة واستراتيجية تسويق متطورة " على حد تعبير القائمين على هذه الحملة.
الحملة التسويقية الموعودة تأتي بعد الفشل الذريع لنتائج الحملة الأولى التي كانت أولى نتائجها على الأرض الحرب الشاملة على قطاع غزة، وثاني هذه النتائج وصول "ليبرمان" و"نتنياهو" وحلفائهم من معسكر اليمين الإسرائيلي لسدة الحكم حتى باتوا يشكلون الأغلبية في البرلمان الإسرائيلي، وشكلوا حكومة خطوطها العريضة تقوم على أساس رفض الاتفاقيات السابقة وتعزيز الاستيطان وتشديد الحصار، ورفض المفاوضات على أساس حل الدولتين.
فبأي نتائج يمكن أن تأتي بها الحملة التسويقية الجديدة للمبادرة العربية في صفوف المجتمع الإسرائيلي؟، مجتمع اسقط حكومته لعدم رضاه عن حجم الدم والدمار الذي زرعته في قطاع غزة على مدار ثلاثة أسابيع من الحرب استخدمت فيها أكثر الأسلحة تطوراً، وكافة الأسلحة المحرمة دولياً، ولم يكفيهم سقوط (1400) شهيد فلسطيني و (5400) جريح غالبتهم العظمى من الأطفال والنساء، ناهيك عن عدد المنازل والمؤسسات الرسمية والمساجد التي دمرت.
كيف يمكن الحديث عن ترويج مبادرة سلام عربية في ظل تعاظم الحملة الإسرائيلية على مدينة القدس وسكانها من الفلسطينيين؟.
هل يعلم من يستعد لحملة التسويق هذه كم هي عدد البيوت والأحياء العربية في مدينة القدس والتي صدر بحقها قرارات مصادرة أو هدم من قبل حكومة "أولمرت"، ومن قبل رئيس بلدية القدس "نير بركات" الذي لم يمضي على انتخابه سوى شهور فقط؟
في المقابل لماذا لم نسمع عن استعداد أي طرف للقيام بحملة إعلامية وسياسية من أجل رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني الذي فرض عليه ليس لسبب إلا لكونه مارس إرداته في اختيار من يمثله ويقوده سياسياً؟.
لماذا لم يهتم أحد بحملات من أجل حق الفلسطيني في السفر لغرض العلاج أو التعليم أو العمل، أو حتى للم شمل العائلات؟
كيف يمكننا تقبل حملات تسويقية لمبادرة سلام عربية في مجتمع جعل الموت والعذاب جزء من حياتنا اليومية؟، وحول بقايا الوطن لمجموعة من الكنتونات تفصل بينها مئات الحواجز الإسرائيلية، ومثلها من المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية.
لماذا لا تطلق حملات دولية وعربية من أجل إطلاق سراح (11000) أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية؟، أسرى مر على المئات منهم عقود من الزمن ملئيه بالعذابات على يد سجانيهم، وبالشوق والحنين للأب والأم والزوجة والإبن؟ .
قائمة تساؤلات طويلة يمكن أن تطرح على أصحاب فكرة الترويج لمبادة السلام العربية خاصة في ظل حكومة إسرائيلية تعلن وعلى رؤوس الأشهاد أن كلمة سلام غير واردة في قاموسها السياسي، حكومة تقوم على مبدأ "من يريد السلام عليه الاستعداد للحرب ويكون قوياً" على حد تعبير وزير خارجية حكومة الاحتلال "ليبرمان"، وإن كان الفشل من نصيب حملة التسويق الأولى التي كانت في عهد حكومة إسرائيلية كانت على الأقل تدعي أنها تسعى لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، فكيف سيكون مصير الحملة الثانية في ظل حكومة ترفض السلام من حيث المبدأ.
وهل يعلم دعاة الترويح للمبادرة العربية أن الشعب الفلسطيني سيعيش فقط على 12% من مساحة فلسطين التاريخية بعد إكمال الاحتلال مخطط بناء جدار الفصل العنصري بشكله النهائي؟.
ويبقى أن نقول للشركاء العرب والفلسطينيين في حملة التسويق للمبادرة العربية إن لم يكن بمقدوركم القول لا لحملة التسويق العبثية هذه، عليكم عدم المشاركة فيها على الأقل، والتفكير في قضايا وأمور تشكل أولوية أهم على الأجندة الوطنية الفلسطينية أولها وأهمها موضوع المصالحة الوطنية التي تشير كل المؤشرات إلى ابتعادها أكثر وأكثر مع كل يوم علينا ونحن في حالة الانقسام والتفكك الداخلي.
moh-abuallan@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق