الجمعة، 13 فبراير 2009

من مواطن فلسطيني إلى حملة بطاقات أل V.I.p


بقلم: محمد أبو علان*:


من على شاشات الفضائيات نشاهد بين الفينة والفينة كبار المسئولين والسادة المستشارون في السلطة الوطنية الفلسطينية وهم يحسبون لنا عدد الساعات التي يخسرها اقتصادنا الوطني نتيجة ساعات الانتظار الطوال على الحواجز ونقاط التفتيش، مُعلنين رفضهم لهذه الحواجز وسياسية الاحتلال في التضييق على المواطن الفلسطيني، وتحويل بقايا الوطن لكنتونات.
وفي الأيام الأخيرة لم نسمع أي من هؤلاء المسئولين يتحدث عن الثلاثمائة بطاقة ) V.I.P) التي قررت سلطات الاحتلال منحها لشخصيات سياسية وقيادات أمنية (رتبة قائد كتيبة فما فوق) لتسهيل تنقلهم بين المدن والمحافظات الفلسطينية بمركباتهم.
فماذا يعني قبول شخصيات سياسية وأمنية فلسطينية لبطاقات أل (V.I.P) من سلطات الاحتلال لتسهيل مرورها عبر الحواجز أمام أعين أبناء شعبهم من النساء والشيوخ والأطفال والطلبة والأطباء الذين يعيشون الذل والهوان يومياً على هذه الحواجز، لا بل مرات عدة في اليوم الواحد؟.
ما هو شعور أصحاب المعالي والسيادة من حملة هذه البطاقات وهم يتجاوزون أرتال من السيارات الفلسطينية والآلف المواطنين على الحواجز الاحتلالية في لحظات وغيرهم ينتظر ساعات طوال في حر الصيف أحياناً وبرد الشتاء أحياناً أخرى؟، ليس لسبب إلا لامتيازات منحت لهم من جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي.
فإن كان السبب هو اعتقاد هؤلاء الأشخاص بأهمية مواقعهم القيادية فهناك من بين المنتظرين على الحواجز لساعات أشخاص مهامهم ودورهم الخدماتي في المجتمع الفلسطيني أهم بكثير من دور ومهام حملة بطاقات أل (V.I.P)، فمنهم الطبيب الذي ينتظره عشرات المرضى لتلقي العلاج وتخفيف ألآمهم، ومنهم المدرسون والمهندسون والعمال والموظفون الذين يحركون ويديرون مؤسسات الوطن واقتصاده.
فمبروك لذوي بطاقات ال (V.I.P) امتيازاتهم التي يمنحهم إياها الاحتلال، أما نحن عامة الناس يكفينا شرف مشاهدة ذوي الامتيازات والبطاقات الهامة وهم يمرون من جانبنا عبر حواجز الذل والهوان التي زرعها الاحتلال على مداخل كل قرية ومدينة في بقايا الوطن الفلسطيني لعلهم يشاهدون عن قرب ما يعاني أبناء شعبهم من ذل ومعاناة على هذه الحواجز في ظل المسافات الطويلة التي باتت تفصل بينهم وبين أبناء شعبهم وهمومهم وقضاياهم المُلحة.
واقعنا الفلسطيني أضحى سلسلةً من التناقضات التي لم يعد بمقدورنا فهمها واستيعابها، نرفض إجراءات الاحتلال وحواجزه من جهة، ومن الجهة الأخرى نسعى للحصول على بطاقات وامتيازات تمنح البعض منا حرية الحركة والتنقل دون غيره من أبناء شعبهّ!!!.
ندين جرائم الاحتلال اليومية من قتل وتدمير واعتقال ضد أبناء شعبنا، وممارساتنا ضد بعضنا البعض ليست بعيدة عن شكل ومضمون ممارسات الاحتلال اليومية، إن لم نكن قد تجاوزناه في بعض الأحيان!!!.
فكيف يمكننا الحديث عن مقاومة الاحتلال مقابل سعينا للحصول على امتيازات منه لذوي الرتب والمناصب؟
كيف يمكن للرأي العام الفلسطيني أن يفهم مثل هذه الامتيازات من الاحتلال في ظل المجازر التي يرتكبها ضد النساء والأطفال والشيوخ في شقي الوطن؟.
لماذا يقبل حملة هذه البطاقات لأنفسهم التسهيلات والامتيازات على حواجز الاحتلال مقابل استمرار معاناتنا نحن عامة الناس على هذه الحواجز؟.
ومن حق كل مواطن فلسطيني السؤال عن ثمن مثل هذه البطاقات؟، وهذا سؤال مشروع في ظل معرفة الصغير منا قبل الكبير بأن الاحتلال لا يمنح أي شيء بدون مقابل.
وهل سيكون بمقدرة "حسين الشيخ" رئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية تحصيل بطاقة V.I.P لكل مواطن فلسطيني؟، فهو من قال " إن الشعب الفلسطيني كله يستحق بطاقات تسهيل الحركة لأنه يعاني من وجود أكثر من (500) حاجز عسكري إسرائيلي إلى جانب سياسة الإغلاق وان الهيئة تحاول قدر الإمكان التخفيف من معاناة السكان ومنحهم المزيد من التسهيلات للتحرك والقيام بوظائفهم والوصول إلى غاياتهم اليومية"، وفي النهاية يبقى الإشارة إلى عدد الحواجز التي تقسم أرجاء الضفة الغربية قارب عددها على (700) حاجز حسب تقارير مؤسسات دولية وحقوقية.
*- مواطن لا يحمل بطاقة V.I.P.

moh-abuallan@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: