بقلم: محمد أبو علان:
أحد الصحفيين الإسرائيليين تحدث معلقاً على نتائج الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الثامنة عشر بقولة " لقد بدء العد العكسي للانتخابات الإسرائيلية القادمة" معبراً بقوله عن الأزمة الداخلية التي سيعيشها الواقع السياسي في "إسرائيل" بعد عدم قدرة أي من الحزبين الرئيسيين (كديما والليكود) حسم المعركة الانتخابية بشكل قطعي وصريح لصالحه.
"تسيبي ليفني" و"بنيامين نتنياهو" أعلن كل منهما الفوز في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وكلٌ بطريقته الخاصة، فحزب "كديما" اعتبر نفسه الفائز كونه حصل على (28) مقعد، وعلى حد تعبير رئيسة الحزب "(28) مقعد أكثر من (27) " بالتالي هي التي يجب أن تكلف بتشكيل الحكومة القادمة، "بنيامين نتنياهو" اعتبر حزبه الفائز على اعتبار أن معسكر اليمين حصل على ما يقارب (65) مقعداً، واعتبر هذا التقدم لمعسكر اليمين رسالة من الناخب الإسرائيلي برفضه لسياسية الحكومة المنصرفة المشكلة من كديما والعمل بشكل رئيسي وتأيده لحكومة برئاسة "نتنياهو".
وسيبقى الصراع محتدم بين الطرفين الرئيسيين على الساحة الحزبية الإسرائيلية لحين انتهاء مشاورات رئيس الدولة العبرية مع رؤساء الكتل البرلمانية والمتوقع أن تبدأ الأربعاء والتي بناءً عليها سيكلف رئيس الدولة الشخصية السياسية التي تحصل على دعم أكبر عدد من أعضاء الكنيست بعد توصيات رؤساء الأحزاب في هذا الموضوع.
وقبل البدء بجلسات التشاور مع رئيس الدولة، وبالأحرى منذ اللحظة الأولى للإعلان عن النتائج الأولية للكنيست الثامنة عشرة بدء الحديث عن ضرورة العمل على تغير شكل النظام الانتخابي في "إسرائيل" من أجل تحقيق نوع من الاستقرار السياسي وعدم جعل الانتخابات المبكرة الحل السحري في كل أزمة سياسية داخلية تعيشها الساحة السياسية.
ومن يطلع على تاريخ الانتخابات الإسرائيلية يلاحظ درجة عدم الاستقرار السياسي الداخلي في الدولة العبرية، فحتى التاسع من شباط 2009 جرت في "إسرائيل" سبعة عشر دورة انتخابية للكنيست الإسرائيلي، سبع دورات منها فقط أكملت مدتها القانونية وهي أربع سنوات، ولمعرفة درجة عدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل" يكفي العلم أنه في السنوات الأثنتي عشر الأخيرة جرت في "إسرائيل" ست دورات انتخابية ثلاث منها كان انتخاب رئيس الوزراء فيها بشكل مباشر.
ويدور الحديث عن عدّة سيناريوهات في موضوع تغير نظام الحكم في "إسرائيل"، فهناك من يقترح العودة للنظام الانتخابي القائم على أساس انتخاب مباشر لرئيس الوزراء، وهنا يكلف الفائز بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، ولكن الثغرة في هذا النظام بقاء رئيس الوزراء المنتخب مرهون باللعبة البرلمانية وضرورة حصوله على ثقة البرلمان، وهذا الوضع لن يغير كثيراً في الواقع الحالي ويبقيه رهينة بيد الأحزاب السياسية المُشكلة للائتلاف الحكومي.
السيناريو الآخر يعتمد على مبدأ تحرير رئيس الوزراء من سيطرة الكتل البرلمانية عبر إعطائه خيار تشكيل حكومته بالشكل الذي يريد دون الحاجة للحصول على ثقة البرلمان الإسرائيلي كونه حصل على ثقة الشعب مباشرة، في المقابل تمنح الكتل البرلمانية حق عزل رئيس الوزراء وإسقاط حكومته في حالات معينة يحددها القانون شريطة توفر أغلبية برلمانية، وهناك من يقترح أغلبية سبعين عضو كنيست كحد أدنى لإسقاط رئيس الوزراء، وهناك من يطالب بأغلبية مطلقة (النصف+1) من عدد أعضاء الكنيست البالغ (120) عضو.
وبين هذين السيناريوهين هناك من يطرح نظام انتخابي يقوم على مبدأ "قوة تمثيلية إضافية لرئيس الوزراء المنتخب بشكل مباشر"، وهذا يكون بمنح رئيس الوزراء الفائز خمسة مقاعد مضمونة في الكنيست مثلاً مقابل تنافس كافة الأحزاب السياسية على ما مجموعه (115) عضو كنيست الباقية في الانتخابات البرلمانية.
إلا أن المقترحات التي تمنح الصلاحية الكبرى لرئيس الوزراء المنتخب بتشكيل الحكومة تلاقي معارضة قوية من الأحزاب السياسية الصغيرة التي ستفقد قوتها البرلمانية في حال بات رئيس الوزراء قادر على تشكيل حكومته بدون الحاجة لثقتها به، حيث يعتبر النظام الانتخابي الحالي مثالي للأحزاب الصغيرة وخاصة الدينية، فهي تبتز الحكومة الإسرائيلية بمليارات الشواقل كمخصصات مالية للعائلات كثيرة الأولاد والتي تشكل القاعدة الانتخابية الرئيسية للأحزاب الدينية وخاصة حركة "شاس".
هذا في الوقت الذي يلاقي فيه مقترح نظام الدوائر الانتخابية النسبي معارضة كبيرة على اعتبار صغر المساحة الجغرافية التي تجعل من الدولة العبرية غير مؤهلة لمثل هذا النظام الانتخابي، وبين هذا وذاك من المقترحات ستبقى الساحة السياسية في "إسرائيل" تعاني من حالة عدم الاستقرار السياسي مما يوفر لها سبب آخر للتملص من أية استحقاقات سياسية تجاه عملية السلام.
ولاختصار الواقع الحالي للنظام الانتخابي الإسرائيلي أنقل لكم نص إعلان تلفزيوني استخدمه حزب "هيسرالييم" في حملته الانتخابية في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كما ورد على موقع B.B.C باللغة العربية ونص الإعلان يقول: "كل يوم يغير صديقي سراويله الداخلية القذرة، وهي نفس الطريقة التي يصوت بها في الانتخابات، فعندما تكون هناك حكومة قذرة، يستبدلها بأخرى نظيفة"ويضيف قائلا: "وعندما يتضح أن الحكومة التالية أكثر قذارة من السابقة نستبدلها بالسابقة".
moh-abuallan@hotmail.com
أحد الصحفيين الإسرائيليين تحدث معلقاً على نتائج الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الثامنة عشر بقولة " لقد بدء العد العكسي للانتخابات الإسرائيلية القادمة" معبراً بقوله عن الأزمة الداخلية التي سيعيشها الواقع السياسي في "إسرائيل" بعد عدم قدرة أي من الحزبين الرئيسيين (كديما والليكود) حسم المعركة الانتخابية بشكل قطعي وصريح لصالحه.
"تسيبي ليفني" و"بنيامين نتنياهو" أعلن كل منهما الفوز في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وكلٌ بطريقته الخاصة، فحزب "كديما" اعتبر نفسه الفائز كونه حصل على (28) مقعد، وعلى حد تعبير رئيسة الحزب "(28) مقعد أكثر من (27) " بالتالي هي التي يجب أن تكلف بتشكيل الحكومة القادمة، "بنيامين نتنياهو" اعتبر حزبه الفائز على اعتبار أن معسكر اليمين حصل على ما يقارب (65) مقعداً، واعتبر هذا التقدم لمعسكر اليمين رسالة من الناخب الإسرائيلي برفضه لسياسية الحكومة المنصرفة المشكلة من كديما والعمل بشكل رئيسي وتأيده لحكومة برئاسة "نتنياهو".
وسيبقى الصراع محتدم بين الطرفين الرئيسيين على الساحة الحزبية الإسرائيلية لحين انتهاء مشاورات رئيس الدولة العبرية مع رؤساء الكتل البرلمانية والمتوقع أن تبدأ الأربعاء والتي بناءً عليها سيكلف رئيس الدولة الشخصية السياسية التي تحصل على دعم أكبر عدد من أعضاء الكنيست بعد توصيات رؤساء الأحزاب في هذا الموضوع.
وقبل البدء بجلسات التشاور مع رئيس الدولة، وبالأحرى منذ اللحظة الأولى للإعلان عن النتائج الأولية للكنيست الثامنة عشرة بدء الحديث عن ضرورة العمل على تغير شكل النظام الانتخابي في "إسرائيل" من أجل تحقيق نوع من الاستقرار السياسي وعدم جعل الانتخابات المبكرة الحل السحري في كل أزمة سياسية داخلية تعيشها الساحة السياسية.
ومن يطلع على تاريخ الانتخابات الإسرائيلية يلاحظ درجة عدم الاستقرار السياسي الداخلي في الدولة العبرية، فحتى التاسع من شباط 2009 جرت في "إسرائيل" سبعة عشر دورة انتخابية للكنيست الإسرائيلي، سبع دورات منها فقط أكملت مدتها القانونية وهي أربع سنوات، ولمعرفة درجة عدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل" يكفي العلم أنه في السنوات الأثنتي عشر الأخيرة جرت في "إسرائيل" ست دورات انتخابية ثلاث منها كان انتخاب رئيس الوزراء فيها بشكل مباشر.
ويدور الحديث عن عدّة سيناريوهات في موضوع تغير نظام الحكم في "إسرائيل"، فهناك من يقترح العودة للنظام الانتخابي القائم على أساس انتخاب مباشر لرئيس الوزراء، وهنا يكلف الفائز بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، ولكن الثغرة في هذا النظام بقاء رئيس الوزراء المنتخب مرهون باللعبة البرلمانية وضرورة حصوله على ثقة البرلمان، وهذا الوضع لن يغير كثيراً في الواقع الحالي ويبقيه رهينة بيد الأحزاب السياسية المُشكلة للائتلاف الحكومي.
السيناريو الآخر يعتمد على مبدأ تحرير رئيس الوزراء من سيطرة الكتل البرلمانية عبر إعطائه خيار تشكيل حكومته بالشكل الذي يريد دون الحاجة للحصول على ثقة البرلمان الإسرائيلي كونه حصل على ثقة الشعب مباشرة، في المقابل تمنح الكتل البرلمانية حق عزل رئيس الوزراء وإسقاط حكومته في حالات معينة يحددها القانون شريطة توفر أغلبية برلمانية، وهناك من يقترح أغلبية سبعين عضو كنيست كحد أدنى لإسقاط رئيس الوزراء، وهناك من يطالب بأغلبية مطلقة (النصف+1) من عدد أعضاء الكنيست البالغ (120) عضو.
وبين هذين السيناريوهين هناك من يطرح نظام انتخابي يقوم على مبدأ "قوة تمثيلية إضافية لرئيس الوزراء المنتخب بشكل مباشر"، وهذا يكون بمنح رئيس الوزراء الفائز خمسة مقاعد مضمونة في الكنيست مثلاً مقابل تنافس كافة الأحزاب السياسية على ما مجموعه (115) عضو كنيست الباقية في الانتخابات البرلمانية.
إلا أن المقترحات التي تمنح الصلاحية الكبرى لرئيس الوزراء المنتخب بتشكيل الحكومة تلاقي معارضة قوية من الأحزاب السياسية الصغيرة التي ستفقد قوتها البرلمانية في حال بات رئيس الوزراء قادر على تشكيل حكومته بدون الحاجة لثقتها به، حيث يعتبر النظام الانتخابي الحالي مثالي للأحزاب الصغيرة وخاصة الدينية، فهي تبتز الحكومة الإسرائيلية بمليارات الشواقل كمخصصات مالية للعائلات كثيرة الأولاد والتي تشكل القاعدة الانتخابية الرئيسية للأحزاب الدينية وخاصة حركة "شاس".
هذا في الوقت الذي يلاقي فيه مقترح نظام الدوائر الانتخابية النسبي معارضة كبيرة على اعتبار صغر المساحة الجغرافية التي تجعل من الدولة العبرية غير مؤهلة لمثل هذا النظام الانتخابي، وبين هذا وذاك من المقترحات ستبقى الساحة السياسية في "إسرائيل" تعاني من حالة عدم الاستقرار السياسي مما يوفر لها سبب آخر للتملص من أية استحقاقات سياسية تجاه عملية السلام.
ولاختصار الواقع الحالي للنظام الانتخابي الإسرائيلي أنقل لكم نص إعلان تلفزيوني استخدمه حزب "هيسرالييم" في حملته الانتخابية في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كما ورد على موقع B.B.C باللغة العربية ونص الإعلان يقول: "كل يوم يغير صديقي سراويله الداخلية القذرة، وهي نفس الطريقة التي يصوت بها في الانتخابات، فعندما تكون هناك حكومة قذرة، يستبدلها بأخرى نظيفة"ويضيف قائلا: "وعندما يتضح أن الحكومة التالية أكثر قذارة من السابقة نستبدلها بالسابقة".
moh-abuallan@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق