الثلاثاء، 27 يناير 2009

من مواطن فلسطيني إلى الرئيس " ساركوزي"


بقلم: محمد أبو علان:
فلسطين المحتلة- 27/1/2009.
السيد الرئيس "نيقولا ساركوزي" المحترم.
رئيس الجمهورية الفرنسية.
تحية فلسطينية وبعد.
قد لا أجيد الكتابة لأصحاب الرئاسة والفخامة، وليس لديّ الكثير من الأمل بأن تصلكم رسالتي، ولكن مع كل هذا اصريت على كتابة رسالتي هذه ونشرها ولو من باب التعبير عما يجول بداخلي من عدم رضى وصعوبة الفهم والاستيعاب لمواقفكم السياسية تجاه قضيتنا الوطنية بشكل عام، وتجاه الحرب على غزة بشكل خاص، مواقف تغيرت وتبدلت بمعدل (360) درجة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فبعد أن كانت الجمهورية الفرنسية من الدول الصديقة للشعب الفلسطيني والمؤيدة لحقوقه الوطنية، فرنسا التي احتضنت الشهيد الراحل أبو عمار مريضاً وكرمته شهيداً، هذه المواقف تبدلت لتصبح مواقف داعمة لسياسية الاحتلال الإسرائيلي في كل ما يمارسه من مجازر ضد أبناء الشعب الفلسطيني بأطفاله وشيوخه ونسائه.

فمنذ اللحظة الأولى للحرب على غزة كان موقفكم موجه ضد المقاومة الفلسطينية مطالبينها بوقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية كشرط مسبق لأي وقف لإطلاق النار متناسين دماء وآلام آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة الذين كانوا يسقطون يومياً نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية من البر والبحر والجو، وقبل الحرب أعلنتم مراراً وتكراراً تضامنكم مع سكان مستوطنة "سديروت" متجاهلين مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون تحت القصف الإسرائيلي والحصار منذ سنوات طوال ليس لسبب إلا لكونهم جزء من شعب يريد العيش بحرية وكرامة واستقلال أسوةً بكل شعوب المعمورة، فهل هذه المواقف السياسية لكم تعبر عن حقيقية شعار الجمهور الفرنسية المتمثلة ب "الحرية والإخاء والمساواة"، أم أن المصالح السياسية جعلت من هذا الشعار عبارة عن تاريخ انتهى عهده.

وها هي الأحداث والمواقف الفرنسية تتوالى لتظهر درجة الانقلاب والتغير في سياسيتكم تجاه الشعوب المظلومة والمقهورة في هذا العالم وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني، اليوم ستستقبل في قصر الإليزيه "نوعم شاليط" والد الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية للتعبير عن جهودكم المستمرة واهتمامكم لإطلاق سراحه من الأسر، وإن هذا اللقاء يأتي في إطار جهودكم الحثيثة لإطلاق سراح "شاليط"، وإن الموضوع يعتبر قضية شخصية بالنسبة لكم حسب البيان الصادر عن الرئاسة الفرنسية قُبيل هذا اللقاء.

وقبل لقاءكم مع "نوعم شاليط" نود تذكيركم يا سيادة الرئيس الفرنسي إن لنا نحن الشعب الفلسطيني "11000" أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي ويعيشون ظروف اعتقالية سيئة، منهم المرضى والشيوخ والنساء والأطفال، ومنهم من تجاوز الثلاثة عقود خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي دون أن يحرك العالم "الحر" قضية هؤلاء المعتقلين، المئات منهم يقبعون في السجون الإسرائيلية منذ ما قبل اتفاقيات أوسلو، وهم من أبناء منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت اتفاقية الاعتراف المتبادل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتفاوض هذا الاحتلال منذ ما يتجاوز الخمسة عشر عاماً أملاً في تحقيق السلام ولكن دون نتيجة.

الجندي الإسرائيلي الأسير "جلعاد شاليط" أمضى في الأسر حتى يومنا هذا ما يقارب العامين ونصف، ولكن هل تعلم يا سيادة الرئيس بأسماء معتقلين فلسطينيين مثل "نائل البرغوثي" و "فخري البرغوثي" اللذان مضى على اعتقالهما حتى اليوم ما يقارب الثلاثة وثلاثون عاماً خلف القضبان، فأي من القضايا الإنسانية التي تستحق الاهتمام، قضية الجندي الإسرائيلي الذي أسر من على ظهر دبابة المركباه التي جاءت لتزرع الموت بين أطفال غزة أم قضايا الأسرى والمعتقلون الذين يعتبرون مناضلين من أجل الحرية وفق كل القوانين والشرائع الدولية التي بات يؤمن بها عالمكم "الحر" من النواحي النظرية فقط.

فبدلاً من دعواتكم لوقف صواريخ المقاومة كان عليكم الدعوة لضرورة زوال الاحتلال ومنح الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله، كما كان الأجدر بكم استنفار الفرقطات العسكرية الفرنسية لحمايتنا من المذابح التي ترتكب بحقنا لا أن تستنفر البحرية الفرنسية لتشكل درعاً واقياً للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وتقف في وجه تسلح المقاومة، وقبل الحديث عن "جلعاد شاليط" أو بالتوازي على الأقل عليكم الحديث عن الأسرى الفلسطينيين والذين يعدون بالآلف، أسرى نسوا وجوه أطفالهم لمنعهم من الزيارات ووضعهم في العزل ألإنفرادي، أسرى فقدوا أمهاتهم وآبائهم وأحباءً لهم دون أن يحظوا ولو بإلقاء النظرة الأخيرة عليهم.

وفي نهاية رسالتنا هذه نقول لكم يا سيادة الرئيس إن لم يعد بمقدوركم نصرة الشعب الفلسطيني ودعم حقه في الاستقلال والسيادة علانية نرجوكم أن تكون مواقفكم فيها نوع من التوازن على الأقل تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فلا يعقل يا سيادة الرئيس جلد الضحية ودعم المجرم كما هو الحال في ظل النظام العالمي الجديد.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،،،

moh-abuallan@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: