بقلم:محمد أبو علان:
كنت أجلس برفقة صديقي الصحفي في إحدى مقاهي مدينة نابلس حينما تلقى مكالمة هاتفية من زميل له فهمت من خلال الحديث إنه من سكان قطاع غزة، وكانت مكالمتهم الأولى منذ ما قبل الحرب الأخيرة على غزة، وبعد حديث المجاملات والتهنئة لزميلة من غزة بالسلامة بدء الحديث بينهم عن الواقع في قطاع غزة بعد انتهاء العدوان المباشر وعن الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة.
ثم بدء الحديث بينهم عن حال الصحافة والصحفيين وواقع الحريات في قطاع غزة، فالصورة التي نقلها الصحفي من غزة قاتمة السواد سواء عن الحريات أو عن آلية توزيع المساعدات، مساعدات توزع على الهوية التنظيمية وعلى ذوي القربى والمؤلفة قلوبهم وما غير ذلك له الله لا غيره، ناهيك عن الاعتقال وإطلاق النار على الأرجل لمن يعارض السلطة في غزة، أو لمن يحاول نقل حقيقية ما يجري هناك.
وبعد مكالمته مع زميله الصحفي الغزاوي التي جاءت بدون موعد وإذا بهاتفه يعاود الرنين من جديد، على الطرف الآخر كانت عائلة الصحفي "سامر خويرة" مراسل قناة القدس الفضائية في مدينة نابلس، والموضوع طلب مساعدة من صديقي الصحفي في إثارة قضية ابنهم الصحفي والذي تم اعتقاله قبل الأجهزة الأمنية في مدينة نابلس يوم أمس، وهذه ليست المرّة الأولى التي يعتقل فيها هذا الصحفي، وقبله اعتقل العديد من الصحفيين في الضفة الغربية، وكذلك بعض الكُتاب منهم البروفسور "عبد الستار قاسم" والذي أحرقت سيارته منذ أيام، وبعده كان الصحفي والإعلامي "خالد عمايرة" من مدينة الخليل.
أنهى صديقي الصحفي كلامه مع زميله الغزاوي ومع عائلة الصحفي "سامر خويرة" وعلى محياه علامات الضيق وعدم الارتياح، وعند استفساري عن المزيد من التفاصيل عما دار في مكالماته قال : "وضعنا لم يعد يطاق، زميل من غزة يطلب مساعدة ضد ما يتعرضون له من مضايقات وقمع، وأسرة زميل من نابلس تطلب المساعدة في إثارة قضية ابنها الصحفي المعتقل لدى الأجهزة الأمنية، فإلى متى سيبقى هذا الحال"، ومن شدة المرارة التي كان يشعر بها صديقي الصحفي ومن باب الممازحة وكونه محسوب على تيار المستقلين في بلد بات الاستقطاب عنوانها الرئيس اقترحت عليه المطالبة بوحدة صليب أحمر تختصص في متابعة قضايا الصحفيين.
وجاء تصريح رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين عن انعدام حرية العمل للصحفيين في قطاع غزة لتؤكد حقيقية جزء من هذا الواقع الفلسطيني، وفي الضفة الغربية واقع الحال لا يبتعد كثيراً عن واقع الحال في غزة، وهذه المرّة بشهادة رئيس التحرير في صحيفة "الحياة الجديدة" وهي صحيفة حكومية، كان ذلك في مقالة نشرها في عموده اليومي في الصحفية تحت عنوان "التقصير" تحدث فيه عن أمور كثيرة منها الواقع الإعلامي وحال والإعلاميين عبر قولة " وجدنا السلطة تقمع إعلامييها وتضعف وسائل إعلامها وتحاول طرد من له علاقة بالإعلام لتأتي بمن ليس لهم علاقة وكأنها تقصد خصي الإعلام وليس مجرد خصخصته. حيث يتعرض كتاب الرأي إلى القمع حتى في رزقهم بسبب جرأتهم في الدفاع عن المشروع الوطني".
والسؤال أين مكمن المشكلة الحقيقية في الواقع الإعلامي الفلسطيني؟، أهي في الإجراءات السلطوية تجاه الصحفيين في شقي الوطن؟، أم لسكوت الصحفيين على كبت حرياتهم طلباً للسلامة ولقمة العيش لأبنائهم؟، أم تحول جزء من الصحفيين والكُتاب لعناصر فاعلة في طرفي الاستقطاب السياسي على حساب حريتهم ومهنيتهم وطمعاً في المزيد من الإمتيازات أو طلباً للأمن والحماية؟.
وبعد مجموعة التساؤلات هذه التي سأتركها مفتوحة تبقى حقيقية واحدة ثابتة ثبوتاً قطعياً وهي غياب جسم نقابي حقيقي يمثل القطاع الإعلامي في شقي الوطن وبقدرته الدفاع عنهم وحمايتهم من الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرضون لها هي السبب الأول والأهم في هذا الإطار، ناهيك عن رؤية الأجسام النقابية للإعلاميين والقائمة حالياً الأحداث والإجراءات بحق الصحفيين بعين واحدة، فمن قطاع غزة يدينون الاعتقالات ضد الصحفيين بالضفة متناسين الاعتداءات على زملائهم هناك، وفي الضفة يدينون الاعتقالات ضد صحفيي غزة متجاهلين ما يجري بالضفة الغربية، مما جعل هذه الأطر التي تدعي تمثيل الصحفيين ليست إلا امتداد لتنظيمات سياسية لا أكثر ولا أقل.
moh-abuallan@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق