بقلم: محمد أبو علان:
هي مرةٌ واحده، وكانت قبل سنوات جالسته وجهاً لوجه في حديث مباشر، استشعرت فيه أحمد العربي الفلسطيني، أحمد الوطني الغيور على وطنه، أحمد الذي لا تفارق الابتسامة محياه، كان لقاءً في ذاك الصرح الطبي الكبير، انه صرح "اتحاد لجان العمل الصحي "الذي سيبقى إحدى الشواهد على وطنية وعطاء الشهيد الراحل الرفيق أبو وسام، صاحب عطاء في وقت عز فيه العطاء.
لقد رحلت يا أحمد العربي في أحلك الظروف وأقساها، رحلت في زمن الشقاق والنفاق السياسي وكأن قلبك الكبير لم يكن بمقدوره تحمل ألم ومرارة هذا الواقع الفلسطيني الذي تجاوز فيه الجميع كل الخطوط الحمراء، تجاوزوا الوطن والقضية ودماء الشهداء والآم الأسرى ودموع الثكالى والأيتام.
ثلاثة أسابيع بعد رحليك يا رفيق أبو وسام زفت جماهير الشعب الفلسطيني الشهيد الراحل الرفيق جورج حبش وكأن قدر الشعب الفلسطيني أن بفقد عظمائه في أحلك ظروفه ولحظاته، أهو القدر، أم كان رحليكم رسالة احتجاج ورفض لهذا الواقع الذي أصبح فيه الدم الفلسطيني خط للمشاة بعد أن كان خطاً أحمر، زمن لم تعد فيه لا محاذير ولا محظورات في الطريق لكرسي السلطة.
لا زلنا نذكر ذكرى أربعينك يا حكيم القدس في قصر الثقافة في مدينة رام الله، في ذلك اليوم الذي اجتمع فيه من عرفوك ومن لم يعرفوك، أهلك وزملائك ورفاقك وأصدقائك من القدس والناصرة وحيفا ويافا وعكا واللد والرملة، كلهم جاءوا بعيون دامعة وقلوب حزينة ليقولوا لن ننساك يا أحمد العربي الفلسطيني، أحمد الإنسان والطبيب والقائد والرفيق والصديق والزميل، حتى السماء لم تستطع أن تخفي دموعها حزناً عليك، في ذلك اليوم انهمرت دموع السماء واختلطت بدموع أحبابك ورفاقك وكل من أحبوك يا أبو وسام.
شيباً وشُباناً اصطفوا على مداخل وردهات قصر الثقافة يستقبلون المؤبنين بحفاوة ولسان حالهم يقول كلنا أحمد، أحمد لم يمت بل باقٍ فينا للأبد، باقٍ لأنه زرع فينا رسالته الإنسانية الفاضلة، والأخلاق الوطنية والمبادئ والقيم الثورية، قيم العطاء والانتماء للوطن وليس لشيء غير الوطن.
قدسك حزينة يا أحمد العربي، حزينةٌ على كونها باتت وحيده، تركها العرب والمسلمون وحيده تواجه سياسية التهجير لمواطنيها والهدم والمصادرة لبيوتها، ومقدساتنا في القدس تهتز وتتراقص ليس فرحاً وابتهاجاً بأبنائها بل بفعل الحفريات الصهيونية وسياسية الهدم البطيء الذي تواجه، وسلاحنا في المواجهة أضحى السلاح العربي والإسلامي التقليدي فيه من الشجب والاستنكار ما يكفي ولكن ليس فيه من الفعل شيء.
فهنيئاً لكم عظماء في باطن الأرض، وليعذرنا شاعرنا الكبير محمود درويش إن قلنا لم يعد على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
moh_abuallan@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق