بقلم: محمد أبو علان:
كان لقناة الجزيرة في الأيام الأخيرة نصيب كبير في سلسلة من الاتهامات، فهناك من يتهمها بالمساهمة في زيادة التوتير والانقسام الداخلي الفلسطيني، وهناك من ذهب لأبعد من ذلك واعتبرها مشروع أميركي إسرائيلي ، ووجدنا من يهاجم الجزيرة لاستضافتها "افيخاي أدرعي " الناطق باسم جيش الاحتلال، واستضافتها "لتسبي ليفني" وآفي ديختر" وغيرهم من الشخصيات الإسرائيلية السياسية والعسكرية.
وسؤالي لكل هؤلاء الذين شحذوا أقلامهم ورفعوا نبرة صوتهم ضد قناة الجزيرة رغم جهودها الإعلامية الجبارة في كشف وتوثيق جرائم الاحتلال ونقلها لشتى بقاع المعمورة، هل سمعتم بالأمس الصحفي الإسرائيلي "ايلي نيسان" وهو يتحدث عبر إذاعة "رايه اف ام " المحلية في مدينة رام الله؟.
هل أصغيتم له وهو يقول عن قيادة حركة حماس " هربوا واختبئوا كالفئران وتركوا شعبهم يقتل في غزة" قال هذا الكلام من على محطة إذاعة محلية فلسطينية ضمن برنامج إخباري فلسطيني يتحدث عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد أطفال وشيوخ غزة دون أن يكون من مقدمة البرنامج الإخباري كلمة واحده لصده وإسكاته أو التعبير عن رفضها لمثل هذا الكلام.
فإن كنا ننتقد ظهور الإعلاميين والساسة والعسكر الإسرائيليين على فضائية الجزيرة وغيرها كان الأحرى بنا الوقوف في وجه بعض المحطات المحلية التي بات استضافة الإسرائيليين عليها موضة العصر لديهم، وأن يكون للإعلام والإعلاميين المحيلين موقف واضح من هذا النمط التطبيعي مع إعلام الاحتلال، إعلام يشكل جزء من المعركة ضد الشعب الفلسطيني، فمن يشاهد ويسمع الإعلاميين الإسرائيليين وخاصة هذه الأيام أمثال "تسفي يحزكيلي" و"ايهود يعاري" و"روني دانيال" وغيرهم يرى في كلامهم الحقد والدموية ضد كل ما هو غير يهودي، وهم أقرب لكونهم محاربين "بدون بزه عسكرية" من كونهم إعلاميين، فهم ليسوا إعلاميين ينقلون الصورة الحقيقية لما يجري على الأرض بل هم مساعدين للناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال لا أكثر ولا أقل.
فلماذا نأتي بهؤلاء أو جزء منهم ليتحدثوا عبر وسائل إعلامنا المحلية كما يحصل في بعض المحطات المحلية وفي هذه الأيام بالتحديد، كم صحفي أو محلل فلسطيني يسمح لهم بالظهور على الإعلام الإسرائيلي لنقل معاناة شعبنا الفلسطيني من ممارسات الاحتلال وجرائمه؟، بكل تأكيد لا أحد، فلماذا ندخل هؤلاء لموجات بثنا الوطنية ونعطيهم مساحة لبث السم في موجات الأثير الفلسطيني.
وعودة "لأيلي نيسان " ألم يكن الأجدر القول له وهو يتحدث عبر أثير "رايه اف ام" إن القتل والدمار في غزة يحدث بقرار إسرائيلي وبآلة الموت الإسرائيلية،؟،وليس بسبب اختفاء قيادات حماس السياسية، ألم يكن الأجدر الرد عليه والقول إن الاحتلال هو من يقتل الأطفال والنساء والشيوخ والأطفال ويهدم البيوت ويمنع الدواء والماء والكهرباء عن قطاع غزة.
وليس المطلوب من قيادة حماس السياسية المهددة بالتصفية والاغتيال من أجهزة الاحتلال الأمنية أن تضع نفسها في مرمى النيران الإسرائيلية، وأن في غزة مقاومة فلسطينية من شتى الفصائل والقوى ولها قادتها الميدانيين الذين يديرون المقاومة ضد الاحتلال رغم إمكانياتهم المتواضعة، ودم الشيخ الشهيد نزار ريان ومعه أكثر من خمسمائة شهيد دليل حتى الآن دليل واضح وجلي على حجم الموت الذي يزرعة الاحتلال في قطاع غزة دون التفريق بين الشيوخ والنساء والأطفال وبين المقاتلين والقادة الميدانيين والسياسيين.
أليس هذا الصحفي الإسرائيلي وأمثاله من الإسرائيليين هم من يعملون على طمس الحقيقية ونشر الأكاذيب عن كل ما يحدث في غزة من جرائم؟، هؤلاء الإعلاميين لا يحملون ولا يتبنون غير رواية الناطق العسكري الإسرائيلي فقط، فلماذا نأتي بهم إلى بيوتنا ومكاتبنا وشوارعنا عبر فتح موجات الأثير الفلسطينية لهم.
فإن كان من حقنا انتقاد الجزيرة وغيرها من الفضائيات العربية على مثل هذه التصرفات كان الأحرى بنا الوقوف أمام ظاهرة التطبيع الإعلامي هذه وخاصة في ظل جرائم يرتكبها الاحتلال والإعلام الإسرائيلي بحقنا، أما أن تحركنا الآراء السياسية وتعمي بصرنا وبصيرتنا عن أمور أكثر أهمية فهذا ليس فيه من العدالة شيء.
*- فلسطين المحتلة.
moh_abuallan@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق