الأحد، 1 مارس 2009

شعار جديد على طاولة المتحاورين في القاهرة: شركاء بالجريمة شركاء بالغنيمة..!!




بقلم: عاطف أبو الرب

قال الصحفي علي دراغمه في مقال نشره على مواقع الانترنت أنه استهجن عدم اعتذار أي من المجتمعين في القاهرة للشعب الفلسطيني عما أصابه من قتل بأيد فلسطينية، نتيجة صراع على سلطة ليس لها سلطة. وقد كتب هذا المقال بعد أن شاهد قادة كل من "فتح" و"حماس" يعلنون عن بداية مشوار مفاوضات الحوار الداخلي، للتوصل لما يسمونه زوراً وفاقاً وطنياً.
وهنا فإنني استهجن على زميلي على ما راح إليه، فهل سبق لنا وسمعنا مسؤولا فلسطينيا يعتذر لشعبه في أي وقت من تاريخنا الحديث؟ أجزم أن الكل الفلسطيني غير مهيأ للاعتذار، فثقافة الاعتذار غير واردة في قاموس الفلسطيني بشكل عام، والفلسطيني القائد بشكل خاص.
أخي علي، وكل الباحثين عن اعتذار يعيد للفلسطيني بعضاً من كرامته، أو اعتذار يمكن من خلاله العفو عن جرائم ارتكبوها بحقنا الفلسطيني، لن تنتظروا كثيراً. صحيح أننا بشر وكل البشر خطاؤون، وصحيح أن خير الخطائين التوابون، ولكن هذا ينطبق على من يؤمن بالله حق إيمان. فلو كنا مؤمنين حقاً، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تردي وانحطاط، ولما لحق بنا هذا الخراب، وهذا الدمار.
وهنا فإنني لا أرى أنهم اجتمعوا لمصلحة حقيقية للشعب الفلسطيني، بل إنني أرى غير ذلك. فكل المؤشرات تؤكد أن دوافع هذا الوفاق الشكلي، تحقيق مصالح ذاتية. وهنا فإن مقتضيات الوضع الراهن في قطاع غزة فرضت على الجميع القبول بتوافق يمكنهم من الاستفادة من المرحلة. ولا أرى في هذه الاجتماعات أي تحول حقيقي في مواقف التنظيمات من الوحدة، فالجميع ليس بوارد الوحدة، وإنما هم معنيون باستثمار المرحلة بما يخدم مصالحهم.
ومع أن من مصلحة الكل الفلسطيني وقف حالة الاقتتال الداخلي على مدار سنوات مضت، إلا الخوف يخيم على الجميع بأن ما يجري ليس سوى تكتيكات من قبل المتحاورين لتحقيق مكاسب مالية من أموال إعمار من جهة، ولامتصاص حالة الاحتقان التي تعتمل في صدور أبناء الشعب الفلسطيني على هذه القوى جراء استمرار حالة الانقسام الفلسطيني.
ما يدفعني لهذا القول والتصريح به الظرف الذي تدافع به ممثلو التنظيمات إلى القاهرة في هذا الوقت بالذات. ففي حين أرى ويرى آخرون أن عوامل الوفاق اليوم أقل بكثير مما كانت عليه في الماضي، لذا فإن علامات سؤال كبيرة تثور حول دوافع هذه المواقف.
ولو حاول أحد المنظرين الوقوف موقف صدق مع ذاته حول مبررات القبول بالحوار اليوم، وليس بالأمس لما وجد أي جواب حقيقي يقنع به نفسه، فكيف يمكن لهم أن يقنعونا بصدق نواياهم؟ ولو سألنا أحدهم عن المتغيرات التي حولت المواقف من الرفض المطلق وتخوين البعض للآخر، لما أمكن أحدهم أن يقدم أي جواب يشفي الصدور.
وهنا فإنني أضم صوتي لصوت الزميل علي فيما راح إليه. وليسمح لي كل ذوي ضحايا الانقسام بأن أتوجه لهؤلاء المتحاورين بأسئلة، وعسى الله أن يوفقني في طرح هذه الأسئلة. السؤال الأول باسم كل أم فقدت ابنها على مذبح الانقسام، من المسؤول عن دم ابني؟ ولماذا قتل ابني؟ من أجل ماذا قتل ابني؟ وماذا حقق القتلة من قتل ابني؟
المجموعة الثانية باسم كل الذين بترت أطرافهم وأصبحوا في عداد المقعدين. هل بوحدتكم تعيدون لي ما فقدته برصاصكم؟ هل حواركم ووفاقكم يخفف ألمي؟ وهل ستحاسبون المتسببين بهذه الجرائم، أم هل ستصفحون عنهم؟ وهل من حقكم أن تتنازلوا عن حقوقنا في إطار ما تسمونه وفاقاً؟ أم هل سيتصرفون لنا مساعدات نقدية من وزارة الشؤون الاجتماعية لنبقى حالات اجتماعية، ومن ارتكبوا جرائمهم يرقون ويفلتون من العقاب؟ هل سيكون دمنا محل مساومة لتحقيق وفاقكم؟ وهل ستكتبون اتفاقكم بدمائنا التي لا زالت تنزف؟
أما الأسئلة الأهم فهي التي لن تجد من يطرحها، ففلسطين لا تتكلم، وهي التي دفعت بانقسامكم الكثير من تاريخها. فكيف لكم وأنتم توقعون اتفاقاتكم أن تمحوا ما كتبه الآخرون من جرائم أساءت لفلسطين؟ من يعيد لفلسطين حضورها؟ من يعيد فلسطين واحدة موحدة تمثل الكل الفلسطيني؟ من يمحوا مواقف العار التي وسمت فلسطين طوال فترة الانقسام؟ وترى هل كلمة اعتذار تعيد لأحد من هؤلاء أحد أطرافه؟ وهل يوقف الاعتذار معاناة من فقد رجليه بفعل رصاص المتحاورين؟
اجزم أن أحداً من المتحاورين لم يكلف نفسه مجرد التفكير بهذه الأسئلة، فهي ليست مدرجة على جدول أعمال الحوارات التي تجري في القاهرة، وليست على أجندة أي من التنظيمات المتحاورة، وأجزم أن كلاً يفكر بما سيحصل عليه من امتيازات ومتكسبات من الحوار، وبذلك فإنني أرى أن يصبح شعار المتحاورين "شركاء بالجريمة شركاء بالغنيمة". فكل يحاول استثمار كل قطرة دم سالت من الفلسطينيين لتحقيق مكتسبات لصالح تنظيمه وأنصاره..!! ولنردد معاً الشعار الجديد: "شركاء بالجريمة شركاء بالغنيمة"..!!

* صحافي فلسطيني يقيم في مدينة جنين. - jjafra@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: