الثلاثاء، 13 يناير 2009

العدوان على غزة يدمّر القطاع ... ويعزز قوة «حماس»


حصدت الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة أرواح مئات من أبناء القطاع، غالبيتهم من المدنيين، ودمرت كل ما لحركة «حماس» وحكومتها من مبان ومؤسسات، واستنزفت كثيراً من مخزونها من الأسلحة والصواريخ، لكن يبدو أنها عززت قوة الحركة بين الفلسطينيين.ويتوقع مراقبون أن تخرج «حماس» من هذه الحرب أكثر قوة وشعبية، خصوصاً مع ضعف الإنجازات السياسية للحركة الخصم «فتح»، وإخفاق خيارها التفاوضي في تحقيق إنجاز ملموس، وفوق ذلك فشلها في إصلاح أوضاعها المترهلة منذ سنين طويلة. وقال مدير «مركز البحوث السياسية والمسحية» في رام الله الدكتور خليل الشقاقي إن مركزه لم يجر استطلاعات رأي خلال هذه الحرب، «لكننا نلاحظ أن شعبية حماس في ازدياد».وتشهد الأراضي الفلسطينية تظاهرات وأنشطة يومية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، تشارك فيها مختلف الفئات، خصوصاً الشبان. وتوقفت حركة «فتح» عن توجيه الانتقادات إلى «حماس» وتحميلها المسؤولية عن ضحايا الحرب بعد تنامي التعاطف معها في مواجهة إسرائيل باعتبارها قوة الاحتلال الغاشمة.ويبدو أن استهداف المدنيين الذي أرادت منه إسرائيل أن يشكلوا قوة ضغط على «حماس»، جاء بنتيجة عكسية، إذ يزيد سقوط ضحايا مدنيين بين الفلسطينيين من التأييد لـ «حماس» التي بات كثيرون يرون فيها قوة قادرة على مواجهة إسرائيل، والثأر منها.ورغم أن الحرب دخلت أسبوعها الثالث، فإن «حماس» تقول إن خسائرها ما زالت محدودة، وان القصف الإسرائيلي طال المؤسسات الحكومية من مراكز شرطة ووزارات ومقرات، لكن «أعضاء الحركة منتشرون بين الناس، ويقاتلون الجيش الإسرائيلي كلما تقدم إلى التجمعات السكانية»، نافية التقديرات التي تذهب إلى تكبدها خسائر كبيرة.ويرى مراقبون أن «حماس» يمكنها أن تعلن «انتصاراً» إذا توقفت الحرب ولم تصل إسرائيل إلى قيادتها أو تشل قدرتها على إطلاق الصواريخ. وقال الشقاقي: «على الأرجح، ستعلن حماس أنها انتصرت في هذه الحرب، وهذا ما سيعزز مكانتها بين الفلسطينيين». وأضاف أن «معيار حماس للانتصار هو حماية قيادتها وبقاء قدرتها على إطلاق الصواريخ، وإذا ما تحقق لها فتح المعابر، فإنها ستعتبره نصراً كبيراً».وحتى في حال دخول إسرائيل المرحلة الثالثة من حربها في غزة، واجتياح مناطق سكنية للقضاء على البنية العسكرية لحركة «حماس»، فإن من المشكوك فيه أن تتمكن من دخول التجمعات عالية الكثافة مثل مخيم جباليا الذي يبلغ عدد سكانه 120 ألفاً، يعيشون في مساحة لا تزيد على ثلاثة كيلومترات مربعة. ويعتقد استاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت الدكتور باسم الزبيدي أن «حماس ستضعف عسكريا، لكنها ستقوى سياسياً بعد هذه الحرب».وفي الضفة الغربية، يراقب أعضاء «حماس» ما يجري للحركة في غزة بقلق. ويرى قادة الحركة المحظورة من قبل إسرائيل والمقيدة من قبل السلطة الفلسطينية أن نتيجة الحرب ستنعكس عليهم. وقال عضو المجلس التشريعي عن «حماس» خالد طافش: «إذا انتصرت المقاومة في غزة، فان حماس ستقوى هنا، وسيدفع الشارع السلطة إلى وقف حظر أنشطتها. أما إذا انتصرت إسرائيل، فسينعكس هذا سلباً على قدرتنا على العمل هنا لفترة طويلة».ومنعت السلطة الفلسطينية الحركة من تنظيم أنشطة وتظاهرات مؤيدة لها منذ بدء العدوان الإسرائيلي، واعتقلت كل من حاول رفع أعلام للحركة في التظاهرات اليومية التي تجري في مختلف المناطق تضامناً مع القطاع. وأثارت الحرب نقاشاً في «حماس» في شأن خياراتها السياسية في المرحلة المقبلة. ويقول مسؤولون في الحركة إنها ستخرج من هذه الحرب أكثر واقعية، مشيرين إلى أنه «كان من الممكن تجنب الحرب، وتجنب الخسائر الهائلة التي لحقت بالقطاع» جراء ما أسماها أحدهم «حسابات سياسية غير دقيقة».

ليست هناك تعليقات: