الأحد، 11 يناير 2009

دوار نابلس خيمة تضامن مع غزة بدون متضامنين


بقلم:محمد أبو علان:


الكاتب الفلسطيني "هاني المصري" كتب قائلاً: "منذ العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة، ورغم الصمود الأسطوري لشعبنا، والمقاومة الباسلة التي تمثلت بالاستمرار في إطلاق الصواريخ والقذائف، والاشتباك مع القوات الغازية، إلا أن التحركات الشعبية التي شهدتها الضفة حتى الآن ونحن في اليوم الرابع عشر للعدوان لم ترتق إلى مستوى التلاحم بين الشعب الواحد ولا إلى مستوى شلال الدم النازف والمجازر اليومية، وكانت أشبه بالتضامن الذي يجري في أي بلد من بلدان العالم، بل أن الكثير من بلدان العالم تضامنت مع غزة بشكل أقوى من خلال المظاهرات المستمرة المليونية وبأشكال متنوعة أوسع كثيرا مما حدث في الضفة".

الدكتور "عبد الستار قاسم" كتب في نفس السياق قائلاً : "يخرج الوطن العربي والعالم الإسلامي بمظاهرات حاشدة ضخمة غاضبة، ويخرج الناس في دول العالم بمظاهرات احتجاجية منددة بالعدوان الصهيوني على غزة، بينما تقف الضفة الغربية خجولة مرتبكة، وقد أرخت عيونها ذليلة أمام المندوب السامي الأمريكي كيت دايتون. العالم يحتج ويهدر غضبا وحنقا على إسرائيل، بينما تلوذ الضفة الغربية بصمت مهين، أو تحاول أن تختفي وراء مظاهرات متواضعة حزينة يغيب عنها عنفوان شعب فلسطين وإباؤهم"

الدكتور " عبد الستار قاسم " تعرض للكثير من الانتقادات وصل بعضها لحد التجريح الشخصي ضده على ما كتب، ولكن من يرى خيمة الاعتصام والتضامن مع قطاع غزة على دوار مدينة نابلس، ساحة الشهداء وميدان التظاهرات والاحتجاجات فيها يستطيع معرفة حجم المأساة والكارثة في هذا الموضوع، ويقتنع فعلاً بأن الوضع المخجل بغض النظر عن الأسباب والدعاوي.

خيمة اعتصام وتضامن مع قطاع غزة فيها صور المجازر التي ترتكب بحق أطفال وشيوخ ونساء قطاع غزة، وبعض اليافطات الاحتجاجية باللغتين العربية والإنجليزية كتبت على عجل، كانت الخيمة شبه خاليه إلا من عدد من الشبان عددهم لم يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، قلت لعل الوقت لا زال مبكراً والجماهير لا زالت تستجمع قواها لتلتف من حول خيمة الاعتصام لتعبر عن رفضها للمجازر والتضامن الوجداني على الأقل مع سكان قطاع غزة، انتصف النهار وتجاوزنا نصف انتصاف النهار بساعات وبقيت خيمة الاعتصام على حالها، فلا الجماهير حضرت ولا قيادات الفصائل امتثلت للنداء.

سألت نفسي ما السبب يا ترى؟، هل انشغال الناس في أعمالهم السبب؟، تذكرت حينها أن يوم السبت هو يوم عطلة رسمية لمعظم المؤسسات الرسمية والأهلية، أم أن السبب هو الانقسام السياسي والجغرافي الذي وصل فينا حد الانفصال الوجداني وحد الانفصال حتى في المشاعر تجاه ما يجري في قطاع غزة.

أم أن الاعتراض لعدد من المسيرات الجماهيرية في عدد من مدن الضفة الغربية من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية دفع بالكثيرين الابتعاد حتى عن خيم الاعتصام والتضامن على قاعد المثل الشعبي " ابعد عن الشر وغنيلو"؟.

مهما كانت الأسباب والدوافع لهذا الخمول الشعبي تجاه ما يجري في قطاع غزة لا ولن تكون مقبولة، فأن يكون هذا الوضع في مدينة نابلس جبل النار، نابلس ومخيماتها وقراها التي قدمت آلاف الشهداء في مجازر ارتكبها الاحتلال على مدار سنوات الاحتلال الطوال ضد أبناء هذه المحافظة فيه الكثير من الخجل.

فأين قادة وجماهير الفصائل التي وعدت وتعد دائماً في زلزلة الأرض تحت أقدام الاحتلال وجنوده على ما يرتكب من مجازر؟، فلا الجماهير تحركت ولا قادة الفصائل حضروا ولا المقاتلين زلزلوا، قادة فصائل باتت شاشات الفضائيات ساحة النضال الوحيدة المفضلة لديهم، ومنهم اختار البحث عن السلامة الشخصية والركون في زاوية مكتب فخم وموظفين وحشم وخدم، واكتفى بنصرة غزة ودعم المقاومة في أحادثيه الشخصية بين أربعة جدران لا أكثر ولا أقل.

وليس هؤلاء فقط من غابوا، فحتى الكثير من الكُتاب والمثقفين الذين ينتقدون هذا الخمول الشعبي هم أنفسهم ليسوا ببعيدين عن هذا الخمول، واختاروا مناصرة غزة واستنكار المجازر من على مواقع الانترنت دون تكليف أنفسهم عناء الوقوف لبرهةٍ من الوقت في خيم الاعتصام والتضامن، أو السير مئات من الأمتار في مظاهرة احتجاجية.

فالأزمة الداخلية الفلسطينية وما بها من خمول واستقطاب وعدم مبالاة لوثت الجميع منا، سياسيين وأمنيين ومقاتلين وكُتاب ومثقفين، ونصرتنا لغزة أصبحت وفق الشعارات العربية الرسمية "قلوبنا معكم"، فلك الله يا غزة، "وما النصر إلا صبر ساعة" .
*- فلسطين المحتلة.
moh_abuallan@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: